محمود تمام يكتب: خفض الفائدة.. ما ينتظره السوق العقاري فى ٢٠٢٥

السبت، 22 فبراير 2025 10:33 م
المهندس محمود تمام

المهندس محمود تمام

share

المشاركة عبر

فوجئت، مثل كثيرين، بقرار البنك المركزي المصري تثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي. كان لدى مجتمع الأعمال أمل في بداية دورة جديدة من التيسير النقدي، تتضمن خفضًا تدريجيًا للفائدة لإعادة النشاط إلى الأسواق التي تعاني من انكماش الطلب. بالطبع، نتفهم دوافع البنك المركزي في تثبيت الفائدة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الأسعار، ورغبته في الحفاظ على المسار التنازلي لمعدل التضخم. ومع ذلك، فإن الفائدة الحالية تسحب السيولة من الأسواق، مما يؤدي إلى تباطؤ الاستثمار وزيادة التكلفة على النشاط الاقتصادي بشكل عام، بما في ذلك قطاع العقارات الذي يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي.

يواجه القطاع العقاري عدة تحديات في العام الجديد، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة واتجاه المشترين إلى وضع مدخراتهم في أوعية ادخارية بالبنوك للحصول على عائد جيد، بدلًا من ضخها في الاقتصاد. لذلك، من المهم أن يعمل صانعو القرار على إيجاد آليات مناسبة لتحقيق التوازن بين هدفين رئيسيين: تنشيط الاستثمار والتحكم في التضخم.

من التحديات الإضافية التي قد تزيد من صعوبة الوضع تراجع القدرة الشرائية للعملاء، وهو ما يتطلب حلولًا حاسمة من الحكومة، مثل تنشيط آليات التمويل العقاري وطرح مبادرات تمويلية منخفضة التكلفة. هذه المبادرات يجب ألا تقتصر على الوحدات الحكومية فقط، بل يجب أن تشمل القطاع الخاص، خاصة للوحدات التي لا تزال قيد الإنشاء. أصبح هذا الأمر ضروريًا للحفاظ على ديناميكيات السوق العقاري واستمراره في مسيرة النمو التي بدأها خلال العقد الماضي مع إطلاق الدولة لخطة التنمية العمرانية الجديدة.

من جانبها، اتجهت الشركات إلى ابتكار حلول تمويلية مختلفة للوصول إلى العملاء المستهدفين، بما في ذلك زيادة مدد أقساط البيع، كما شهدنا مؤخرًا. ومع ذلك، يجب على هذه الشركات أن تولي اهتمامًا كبيرًا لتدفقات السيولة والتوازن المالي.

لا أريد أن يُفهم كلامي على أنه إشارة إلى وجود أزمة في السوق أو فقاعة عقارية، لأننا بعيدون كل البعد عن ذلك. السوق العقاري في مصر قائم على طلب حقيقي ومتراكم، وهذا الطلب لا يتوقف، خاصة أن المعروض الحالي لا يلبي سوى جزء بسيط منه.

لقد مر السوق العقاري بالعديد من التحديات والظروف الاقتصادية، مثل غيره من القطاعات التي تشهد دورات من الازدهار والتباطؤ. ومع ذلك، أثبتت شركات التطوير العقاري قدرتها على التكيف مع هذه المتغيرات والنجاح في تخطيها. والدليل على ذلك الأرقام القياسية للمبيعات التي حققتها الشركات في عام 2024، والتي كانت ضعف ما تم تحقيقه في عام 2023. ولا ننسى أن العام الماضي شهد بعض التباطؤ، خاصة بعد قرارات مارس، لكن السوق سرعان ما استعاد نشاطه وحقق مبيعات قياسية، وهو ما أتوقعه أيضًا لعام 2025.

في اعتقادي، أن حالة الهدوء والترقب الحالية لن تستمر طويلًا، ومن المتوقع أن يستعيد السوق زخمه بحلول مايو أو يونيو على الأكثر. سنرى أرقامًا قوية، خاصة في مناطق مثل الساحل الشمالي وشرق وغرب القاهرة. تشير المؤشرات الحالية إلى أن البنك المركزي قد يتجه إلى تخفيض الفائدة في أبريل المقبل مع تراجع الضغوط الاستهلاكية خلال شهر رمضان، مما سيعيد السيولة تدريجيًا إلى الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تنتعش مبيعات المصريين في الخارج خلال النصف الثاني من العام، مما سيدعم السوق العقاري بشكل أكبر.