ديفيد فيكلنج يكتب: انتهاء طفرة الأسمنت فى الصين نعمة لكوكب الأرض

الأحد، 28 يوليو 2024 02:04 م
عامل بناء في الصين

عامل بناء في الصين

share

المشاركة عبر

تحدث ديفيد فيكلنج عن انهيار صناعة العقارات في الصين وكيف سيؤدي إلى اقتصاد أكثر توازناً، فضلاً عن كوكب أكثر صحة، وقال..
 


تخيل لو أن فرنسا أو تايوان أو الإمارات تخلصت من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في غضون عامين– ولم يلاحظ أحد ذلك. يحدث شيء مماثل في قطاع البناء في الصين.

حقيقة الأمر أن إنتاج الأسمنت ينهار منذ انفجار الفقاعة العقارية في 2021. وعلى الرغم من الدلائل التي تشير إلى أن سوق الإسكان قد تستقر أخيراً، فقد تسارع الانخفاض هذا العام، إذ انخفض الإنتاج في النصف الأول 10.8% عن العام السابق.

ويشير ذلك إلى أن إجمالي العام بأكمله سيكون في حدود 1.85 مليار طن- أي ما يقرب من 20% أقل من المتوسط ​​البالغ 2.34 مليار طن في العقد حتى 2021، والأدنى منذ 2009.

ومن الناحية المناخية، يُعد هذا انخفاضاً كبيراً للغاية. فالأسمنت من أكثر المواد الملوثة. فمقابل كل 100 طن من الأسمنت البورتلاندي، ينبعث نحو 57 طناً من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ويمثل هذا القطاع في جميع أنحاء العالم قرابة 8% من الانبعاثات. وتستهلك الصين نصف إجمالي الإنتاج، لذا فإن انخفاض إنتاج الأسمنت المحلي 20% يُترجم إلى انخفاض في التلوث الكربوني العالمي بنحو 1%.

لا توجد علامات تُذكر على وجود حافز كاف لإحداث انفجار في النصف الثاني. وانخفضت أسهم شركات إنتاج الأسمنت الكبرى منذ اختتام الاجتماع المكتمل الثالث للحزب الشيوعي الأسبوع الماضي، مما يشير إلى أن المستثمرين لا يرون سبباً يُذكر لتوقع الدعم الحكومي. علاوة على ذلك، فإن استخدام مواد البناء يفوق حتى الآن ما نراه في كل الاقتصادات الرئيسية الأخرى، ومن الصعب رؤيته يستعيد المستويات التي شهدناها في الماضي.


فعلى سبيل المثال، يُترجم هذا الإنتاج المحتمل البالغ 1.85 مليار طن لهذا العام إلى نحو 1.32 طن للشخص الواحد- أي ما بين ثلاثة إلى خمسة أضعاف ما هو عليه في الدول الصناعية الأخرى. وكان مخزون الأسمنت المستخدم في الصين -وهو مقياس لكل المواد المستخدمة في المباني والطرق والهياكل- هو نفسه تقريباً في 2013 مقارنةً بمخزونه البالغ 15 طناً للشخص الواحد في الولايات المتحدة. وتضاعف تقريباً منذ ذلك الحين. وحتى لو تباطأ الإنتاج بشكل كبير من الآن فصاعداً، فسوف يتبقى للصين كمية أكبر بكثير من الأسمنت، من حيث القيمة المطلقة ونصيب الفرد، أكثر من أي دولة كبرى في العالم على الإطلاق.

لقد استمرت طفرة البناء في الصين لفترة طويلة حتى أننا نميل إلى النظر إليها باعتبارها حقيقة ثابتة من حقائق الطبيعة. وهذا يقود المحللين إلى التقليل من تقدير المدى الذي يؤدي به انتهاؤها إلى تغيير العالم بشكل كبير مثل ظهورها.

وإذا كنت تتساءل، على سبيل المثال، عن سبب استمرار السوق في المبالغة في تقدير الطلب الصيني على النفط، فمن المفيد أن تفكر في مسار اثنين من مشتقاته: الأسفلت ووقود الطائرات.

لسنوات عديدة، استهلكت الصين قدراً كبيراً من الأول (الذي يستخدمه عمال البناء في تعبيد الطرق ومواد عزل الأسقف) بقدر ما استهلكته من الأخير (المستخدم في تحليق الطائرات). وفي حين أن وقود الطائرات قد انتعش مرة أخرى مع بدء الناس في السفر مجدداً بعد كورونا، يبدو أن الأسفلت المستخدم في البناء قد ظل عند مستوى متدنٍّ بشكل دائم.

وهذا ما كان متوقعاً في أعقاب طفرة بناء المنازل التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ. وإذا كنت تتوقع أن كل المؤشرات الاقتصادية سوف تعود إلى مستواها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فسوف تُصاب بخيبة أمل.
 

كل الطرق للوصول إلى صافي انبعاثات صفري تمر عبر الصين. وفي ظل مسؤوليتها عما يقرب من ثلث التلوث الكربوني في العالم واحتوائها على أكثر من نصف منشآته السنوية للطاقة المتجددة، فهي أكبر مساهم في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، والمكان الذي من المرجح أن نتخلص فيه من انبعاثات تراكمت على مدى قرون.

وإذا أخذ قطاع الأسمنت بزمام المبادرة في هذا المنحى، فستتبعه بقية قطاعات الصناعة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى اقتصاد صيني أكثر توازناً، فضلاً عن كوكب أكثر صحة. فانخفاض أسعار الأسمنت يشكل فقاعة منفجرة ينبغي لنا أن نرحب بها، بحسب ما نقلت الشرق بلومبرج.