كين أوبالو يكتب: هل تستطيع أفريقيا معالجة مشكلة تصنيفها الائتمانى؟

الإثنين، 26 أغسطس 2024 01:15 م
طفلة أفريقية

طفلة أفريقية

share

المشاركة عبر

تحدث كين أوبالو عن الدول الأفريقية وأنها تحتاج إلى أكثر بكثير من مجرد وكالة تصنيف ائتماني مستقلة لتحسين وصولها إلى أسواق الديون العالمية، وقال.. 

تشكو الحكومات الأفريقية باستمرار من "عقاب أفريقيا" المزعوم فيما يتعلق بالتصنيف الائتماني السيادي، وتشير الأبحاث إلى وجود مبررات لهذه الشكاوى.

على سبيل المثال، كشف تقرير صادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن القارة تخسر نحو 75 مليار دولار سنوياً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الفرصة البديلة المرتبطة بالإنفاق الذي لا يتحقق.

تتنافس مخصصات خدمة الديون في الموازنات العامة للمنطقة حالياً مع مخصصات الإنفاق على خدمات عامة بالغة الأهمية مثل التعليم والصحة. على سبيل المثال، تنفق كينيا ما يصل إلى 60% من إيراداتها على سداد الديون فقط.

في يوليو الماضي، أعلن الاتحاد الأفريقي عن عزمه تأسيس وكالة أفريقية للتصنيف الائتماني بحلول عام 2025، بهدف مواجهة هذا العقاب. وستكون هذه الوكالة مستقلة عن الحكومات وتعمل تحت إشراف وتوجيه "الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء" و"بنك التنمية الأفريقي" و"البنك الأفريقي للصادرات والواردات" و"مفوضية الاتحاد الأفريقي".

لكن هل ستتمكن هذه الوكالة الجديدة من تقديم تقييمات أكثر دقة لشركات أفريقيا ومؤسساتها السيادية؟ الإجابة البسيطة هي لا، ما لم تتمكن الدول الأفريقية من تنويع اقتصاداتها بعيداً عن الاعتماد على تصدير السلع الأولية، وتحقيق درجة أعلى من الشفافية والقدرة على التنبؤ في سياساتها وإدارة المالية العامة.

تقييم لا يعبر عن حالة الاقتصاد 
يؤكد منتقدو وكالات التصنيف الائتماني الكبرى أن منهجياتها تمنح مجالاً أوسع للتقديرات الشخصية مما يجب، وتعاقب بشكل غير عادل السياسات الداعمة للنمو في الدول الأفريقية، التي تعزز بالفعل من جدارتها الائتمانية.

علاوة على ذلك، فإن الوجود المحدود لهذه الوكالات في المنطقة يعني افتقارها للمعرفة العميقة باقتصادات القارة. وقد أدت هذه الثغرات مجتمعة إلى عدم انعكاس التقييمات السيادية للمنطقة على أساسياتها الاقتصادية بشكل دقيق. بل إن هذه التقييمات تميل إلى مسايرة التقلبات الدورية، مما يؤدي إلى تحقيق نبوءاتها ذاتياً. فعلى سبيل المثال، تحصل الدول الأفريقية دائماً على تقييمات سلبية خلال الأزمات الاقتصادية العالمية نتيجة تأثيرات الجوار الجغرافي، وليس بسبب تغييرات اقتصادية حقيقية داخلها. هذه التقييمات المنخفضة ترفع تكاليف التمويل دون مبرر، مما يزيد من مخاطر التعثر في سداد الديون.

ستتمكن وكالة التصنيف الإقليمية المقترحة من التغلب على هذه التحديات عبر فهم أعمق للاقتصادات الأفريقية والسياسات المحلية، مما سيسهم في وضع معيار جديد تُقيّم على أساسه وكالات التصنيف الائتماني العالمية الكبرى.

تصدير السلع الأولية ومشكلة المعلومات 
مع ذلك، فإن معالجة هذه النقاط الضعيفة بمفردها لن تغير الأسباب الجوهرية للمخاطر، ولن تحل مشكلة الفهم العميق للاقتصادات الأفريقية. فالاعتماد على صادرات السلع الأساسية يجعل الاقتصادات الأفريقية شديدة التأثر بالأزمات الدورية في سوق السلع العالمية. على سبيل المثال، ظل نصيب الفرد من الدخل في المنطقة ثابتاً منذ ذروة دورة السلع الفائقة في عام 2014. وبالتالي، فإن فصل الأداء الاقتصادي للمنطقة عن الطلب العالمي على صادراتها يُعد خطوة حتمية لتجنب التصنيفات السيادية التي تتماشى مع الدورات الاقتصادية أو ترتبط بها.

وإلى جانب الحد من اعتمادها على السلع الأساسية، ستحتاج البلدان الأفريقية والشركات الخاصة أيضاً إلى تحسين صدور البيانات الاقتصادية في الوقت المناسب، فضلاً عن تحقيق إلمام أعمق بالمنهجيات التي تستخدمها شركات التقييم الائتماني. ويتطلب القيام بذلك تحديثاً شاملاً للإدارة الاقتصادية في المنطقة؛ خاصة فيما يتعلق بالمالية العامة واستقرار السياسات.

كما يتضح من الأزمات المالية الجارية في إثيوبيا وغانا وكينيا وزامبيا، لا تزال إدارة المالية العامة في المنطقة ضعيفة. هناك القليل من الشفافية في عملية الحصول على ديون عامة واستخدامها. كما لايمكن التنبؤ بتحصيل الإيرادات، ويرجع ذلك جزئياً إلى تدخلات السياسيين غير المتوقعة. وربما الأهم من ذلك أن عدم وجود استراتيجيات متماسكة داعمة للنمو يجعل من الصعب على المحللين وضع نماذج موثوقة لقياس القدرة على خدمة الدين في المستقبل على أساس الإدارة الاقتصادية المتوقعة.

الاعتماد على صندوق النقد الدولي 
من السمات الأخرى للتصنيفات الائتمانية في أفريقيا التي يجب أن تتغير هو اعتماد وكالات التصنيف الائتماني والحكومات على إشارات الجدارة الائتمانية الصادرة عن صندوق النقد الدولي. فالصندوق ليس في موقع يؤهله لتقديم إرشادات موثوقة في هذا المجال لسببين رئيسيين. أولاً، جزء من مهمة صندوق النقد الدولي هو أن يكون الملاذ الأخير في تقديم القروض السيادية للحكومات، مما يخلق مشكلة الخطر الأخلاقي لكل من تلك البلدان والدائنين. باختصار، تؤدي برامج الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد الدولي، وما يصاحبها من ضمانات بإعادة الهيكلة بطريقة منظمة، إلى تقليل الضغوط التي تدفع الحكومات إلى التزام الإدارة الحكيمة للمالية العامة، وتدفع الدائنين إلى التدقيق الواجب قبل تقديم القروض. ثانياً، تشير الأدلة التاريخية إلى أن التأثير الإيجابي للصندوق على إدارة المالية العامة كان ضئيلاً نسبياً. بعبارة أخرى، فإن السياسات والمؤسسات المحلية لها دور أكبر بكثير من أي نفوذ قد يمارسه صندوق النقد الدولي على الحكومات الأفريقية.

بشكل عام، يُعتبر تقدم الحكومات الأفريقية في زيادة شفافية اقتصاداتها أمام المستثمرين العالميين خطوة جيدة، وربما تساهم في خفض تكلفة الاقتراض. فإن سهولة الوصول إلى أسواق الائتمان تُعد أمراً حيوياً لهذه الدول للاستثمار في البنية التحتية للطاقة والنقل الضرورية لتحفيز النمو. ومع ذلك، لا يمكن للحكومات أن تتنصل من مسؤوليتها في متابعة الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك تنويع قدراتها التصديرية لتشمل منتجات أخرى خارج نطاق السلع الأولية، وزيادة الكفاءة والشفافية في إدارة المالية العامة، وضمان استقرار السياسات، بحسب ما نقلت الشرق بلومبرج.