ديفيد فليكنج يكتب: الطاقة الخضراء تخسر معركة تنظيف الهيدروجين

الأحد، 25 أغسطس 2024 01:40 م
 الطاقة الخضراء

الطاقة الخضراء

share

المشاركة عبر

تحدث ديفيد فليكنج عن الطاقة النظيفة وكيف بدأت تتخلف وراء الوقود الأحفوري في سباق التخلص من الانبعاثات الكربونية، في وقت يستحوذ فيه الهيدروجين الأخضر على طن متري من كل 1000 طن هيدروجين مستخدم.. والرمادي هو المهيمن، وقال.. 


يبدو أن الطاقة النظيفة بدأت تتخلف وراء الوقود الأحفوري في سباق تنظيف الصناعة من التلوث والانبعاثات الكربونية. وهذا يرجع إلى أننا علقنا آمالاً كبيرة على آفاق الهيدروجين.

نظرياً، يمكن أن يكون العنصر الأكثر وفرة في الكون بمثابة مفتاح لحل مشكلة المناخ، حيث يمكنه أن يفتح الباب أمام طرق لإنتاج الأسمدة والصلب والبتروكيماويات والأسمنت من دون انبعاثات كربونية.

مثل هذا التحول سيكون له تأثير كبير، خاصة أن حوالي ربع التلوث الكربوني في العالم يأتي من مداخن المصانع، وليس من محطات الطاقة أو السيارات. وإذا تمكنا من تطوير عملية واحدة تخفض الانبعاثات الكربونية في كل هذه الصناعات، سنكون قد اكتشفنا تكنولوجيا تحولية مثل الطاقة الشمسية ومزارع الرياح والسيارات الكهربائية.

أزمة الهيدروجين الأخضر
لكن لن يكون ذلك ممكناً مع الهيدروجين بشكله الذي نعرفه الآن. ففي الوقت الحالي، يستحوذ "الهيدروجين الأخضر"، المعروف من تجارب الكيمياء المدرسية والمُنتج من تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام الكهرباء، على أقل من طن متري واحد من كل ألف طن متري من الهيدروجين المستخدم. أما الغالبية العظمى فهي "الهيدروجين الرمادي" الذي يُصنع من الغاز الطبيعي أو النفط أو الفحم، ما يضخ كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في العملية.


ومع ذلك، كانت النظرة المتفائلة تعتمد على انخفاض تكلفة أجهزة التحليل الكهربائي اللازمة لتقسيم الماء، والطاقة النظيفة المطلوبة لتشغيلها، بالسرعة نفسها التي شهدناها مع التقنيات الخضراء الأخرى.

لكن من المؤسف أن العكس هو ما يحدث، وفي غياب التدخلات الضرورية، تكتسب النسخ الأكثر تلويثاً من الهيدروجين مساحات أكبر.

لنلقِ نظرة أولاً على ما حدث مع التكاليف. فقد كان التضخم المرتفع وأسعار الفائدة في الأعوام القليلة الماضية يشكلان تحدياً لكثير من التقنيات النظيفة، لكن طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات والسيارات الكهربائية وصلت إلى مستوى يمكنها من تحسين الكفاءة والحفاظ على انخفاض الأسعار. لكن هذا ليس هو الحال مع الهيدروجين الأخضر.

بعيداً عن الانخفاض من حوالي 3 دولارات لكل كيلوغرام إلى هدف الحكومة الأميركية البالغ دولار لكل كيلوغرام، وهو سعر قد يقوض أسعار الغاز الطبيعي، ارتفعت التكاليف في الولايات المتحدة إلى نحو 5 دولارات لكل كيلوغرام، وفق دراسة أجراها مجلس الهيدروجين (Hydrogen Council) و"ماكينزي آند كو" (McKinsey & Co) العام الماضي. وحتى الحوافز السخية في قانون الحد من التضخم الذي قدمه الرئيس جو بايدن لا تكفي لجعل هذا السعر تنافسياً.

شهدنا صورة مماثلة في الاتحاد الأوروبي، فقد حاولت بروكسل إنشاء بنك هيدروجين لبناء سلسلة إمدادات للهيدروجين الأخضر، لكن المزاد الأول للمنشأة في أبريل أسفر عن فوز عروض بتكلفة تتراوح بين 5.8 يورو (6.34 دولار) و8.8 يورو لكل كيلوغرام، وفقاً لتقرير "بلومبرغ إن إي إف". ورأينا النتيجة نفسها في مزاد للأمونيا الشهر الماضي من قبل مؤسسة "إتش 2 غلوبال" (H2 Global Foundation)، وهي مؤسسة مماثلة في ألمانيا. فقد جاءت العروض الأقل تكلفة بأكثر من ضعف سعر الأمونيا المصنوعة من الوقود الأحفوري.

شركات النفط تشارك أيضاً
لم تقف شركات النفط الكبرى مكتوفة الأيدي أيضاً، خاصة أن هناك طريقة بديلة لتقليل البصمة المناخية للهيدروجين وهي التقاط ثاني أكسيد الكربون وضخه في آبار النفط المستنفدة لتعزيز استخراج النفط.

كما أن ما يُعرف بـ"الهيدروجين الأزرق" يقلل انبعاثات الهيدروجين بنسبة 60% إلى 70% فقط، لكنه قد يكون جذاباً للمستهلكين الذين يرغبون في شيء أنظف من الهيدروجين الرمادي دون تكبد تكاليف الهيدروجين الأخضر.

كما أنه يجذب صناعة النفط التقليدية، التي لديها حالياً أموال أكثر بكثير لتطوير التكنولوجيا الجديدة مقارنة بشركات الهيدروجين الأخضر الناشئة المتعطشة للمال.

أخبر الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو السعودية" أمين الناصر المستثمرين في مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي، أن العمل الهندسي قد اكتمل وأن إعداد الموقع جارٍ بالفعل لأول مشروع لالتقاط الكربون يتبع شركة النفط السعودية. وتتوقع الشركة تلقي عروض من مشترين يابانيين وكوريين في غضون أشهر. وتبدو شركة "بي بي" على وشك الانتهاء من التخطيط لمركز للهيدروجين الأزرق في شمال شرقي إنجلترا، بينما أصدرت "شل" عقوداً للمهندسين لمشروع في عمان.


 

الهيدروجين الأزرق يتصدر المشهد
يبدو أن الهيدروجين الأزرق هو الذي يتصدر المشهد في الوقت الحالي. وتشير "بلومبرغ إن إي إف" إلى أن أكثر من نصف الهيدروجين الأخضر المتوقع تشغيله بحلول 2030 لا يزال في المراحل الأولى من التطوير، وبالتالي يمكن إلغاؤه بسهولة. كما أن حوالي نصف إمدادات الهيدروجين الأزرق جرت الموافقة عليها بحيث يمكن بدء بناء منشآتها، مقارنة بنسبة 15% فقط من مشاريع الهيدروجين الأخضر.

لا شك أن الهيدروجين الأزرق أفضل من الرمادي، لكن النوع الأخضر يبدو حالياً أنه بالكاد سيلبي الطلب الحالي، ناهيك عن الوفاء بوعده بإزالة الكربون من مجموعة إضافية من القطاعات.

عقبات تواجه الصناعة
لن يكون إصلاح الأمر سهلاً. فقد ركزت السياسات الحكومية الحالية على تقديم الدعم للمنتجين، بدلاً من إلزام المستهلكين الرئيسيين باستخدامه، وهو عكس الدعم من جانب الطلب الذي أطلق طفرة الطاقة المتجددة في عقد 2000.

وربما تؤدي التوترات التجارية أيضاً إلى إحجام مطوري المشاريع عن شراء أجهزة التحليل الكهربائي المصنوعة في الصين، والتي قد تكون أرخص بنسبة 75% من الإصدارات المصنعة محلياً، وهو فرق هائل في التكلفة يتم إهماله.

ويجب أن تعود أسعار الفائدة إلى مستويات أقل لخفض تكاليف التمويل. والأهم من ذلك، أن الدعم الرسمي المضطرب للطاقة النظيفة يعني أن المستثمرين غير مستعدين على الأرجح للمراهنة على مثل هذه التكنولوجيا عالية المخاطر، والتي لا تزال في مراحلها الأولى.

إنها سلسلة من المشكلات المقلقة للسبب والنتيجة، لكننا تمكنا من حلها باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبطاريات الليثيوم أيون والسيارات الكهربائية. وليس هناك سبب يمنع تكرار الحيلة نفسها مع الهيدروجين الأخضر. لكن إذا لم تكن هناك إرادة سياسية، فإن شركات النفط الكبرى مستعدة للتحرك والاستحواذ على السوق، بحسب ما نقلت الشرق بلومبرج.