إندونيسيا تفتتح عاصمتها الجديدة اليوم.. مع تحديات تعجيزية

السبت، 17 أغسطس 2024 01:36 م
نوسانتارا العاصمة الجديدة لإندونيسيا

نوسانتارا العاصمة الجديدة لإندونيسيا

share

المشاركة عبر

في أواخر يوليو الماضي، بدأ جوكوي ويدودو، كما يشتهر الزعيم الإندونيسي، العمل من القصر الرئاسي قيد الإنشاء في نوسانتارا. ووضع هدفاً يتمثل في الانتهاء من القصر حتى يمكنه الاحتفال بعيد الاستقلال هناك اليوم السبت، وافتتاح العاصمة الجديدة رسمياً. لكنه اضطر لتخفيض قائمة الضيوف بأكثر من 80% إلى 1300 شخص بسبب صعوبات لوجستية. ومع تولي رئيس جديد المنصب في أكتوبر المقبل، فإن مصير المشروع الضخم بأكمله أصبح مجهولاً.

وبعد عامين من بدء العمل في نوسانتارا، تُظهر مخططات المدينة المرسومة على صور أقمار اصطناعية من منتصف يوليو الماضي أن أعمال البناء الجارية في مراحلها الأولية.

كما أدت قيود الطقس إلى تأخير الافتتاح المزمع للعمليات التشغيلية لمطار نوسانتارا، والذي كان من المقرر افتتاحه بعيد الاستقلال.

وتأجل النقل التدريجي لأكثر من 10 آلاف موظف مدني -كان مقرراً في بداية الأمر خلال مارس ثم يوليو الماضيين- مرة أخرى حتى سبتمبر المقبل لأن مكاتبهم ومجمعات سكنهم غير جاهزة، وربما تتأخر أبعد من هذا التاريخ. 

وكان  جوكوي قد أعلن عن نقل العاصمة في عام 2019 لتخفيف الضغط على جاكرتا. نظراً لأن جاكرتا تغرق بسرعة حيث يبلغ منسوب الأمطار بها حوالي 30.5 سنتيمتر سنوياً، ويتوقع الخبراء أن يغرق ثلث المدينة تحت الماء بحلول 2050. كما أن حوالي 40% من جاكرتا تقع بالفعل تحت مستوى سطح البحر. وتتعرض المناطق الساحلية في المدينة لفيضانات بسبب ظاهرة المد، والتي تسبب خسائر تزيد عن تريليوني روبية أى ما يعادل 128 مليون دولار سنوياً. 

ويُعتبر التلوث الهوائي أمراً واقعاً بشكل يومي لنحو 10 ملايين نسمة من سكان جاكرتا، وكذلك الازدحام المروري الشديد. وتُقدر تكلفة الازدحام المروري بحوالي 100 تريليون روبية سنوياً من الإنتاجية المفقودة لمنطقة جاكرتا الكبرى، المعروفة باسم جابوديتبك، والتي تضم 30 مليون نسمة.

وقع الاختيار على المكان المخصص للعاصمة الجديدة بمنطقة في مقاطعة شرق كاليمانتان بجزيرة بورنيو، والتي تشترك فيها إندونيسيا مع ماليزيا وبروناي. ويبعد الموقع حوالي 1400 كيلومتر (870 ميلاً) شمال شرق جاكرتا، في منتصف إندونيسيا جغرافياً، وهو محمي إلى حد كبير من أنواع الكوارث الطبيعية (الزلازل وتسونامي والبراكين) التي تصيب جزر الأرخبيل الأخرى. وبدأ البناء خلال 2022 بعد أن تم تعليقه بسبب جائحة كوفيد-19.


ويُعد بناء مدينة جديدة من البداية باهظ الثمن. إذ تبلغ تكلفة نوسانتارا نحو 29 مليار دولار، وفق تقديرات رسمية. تتمثل فكرة جوكوي في أن يأتي التمويل من مصادر متنوعة من الحكومة والمؤسسات المملوكة للدولة والشركات الخاصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، مع تحميل الدولة أقل قدر من التكاليف.

لكن حتى الآن، لم تجرِ الأمور على هذا النحو. فمنذ بدء العمل، أنفقت الدولة ما يقرب من 72 تريليون روبية أى ما يعادل 4.6 مليار دولار على تطوير البنية التحتية الأساسية، وهو ما يقارب الحد الأقصى الذي يمكن للحكومة أن تنفقه، حسب خطتها التنموية الرسمية. 

ورغم الحوافز المختلفة التي تقدمها الحكومة، مثل الإعفاءات الضريبية وحقوق الملكية طويلة الأجل، فإن نوسانتارا لم تجذب سوى أقل من 50 تريليون روبية من إجمالي الاستثمارات، والتي جاءت جميعها من الشركات المحلية والمؤسسات المملوكة للدولة. وتأتي الشركات الأجنبية بين أكثر من 400 شركة وقعت خطابات نوايا للاستثمار، ولكن لم تقدم أي منها حتى الآن تعهداً ملزماً.


وأكد الرئيس المنتخب برابوو سوبيانتو الإثنين الماضي التزامه بمواصلة المشروع. لكنه من المحتمل أن يواجه صعوبات في تمويل العاصمة الجديدة دون الإضرار بميزانية إندونيسيا، علاوة على وعود حملته الانتخابية. وتعهد برابوو بتقديم وجبات غذائية مجانية وصحية لأكثر من 80 مليون طالب مدرسة. وتُقدر تكلفة هذا البرنامج بنحو 450 تريليون روبية سنوياً عندما يعمل على نطاق كامل.

يشير المسؤولون في إندونيسيا إلى النجاح في نقل ما لا يقل عن 30 عاصمة أخرى في القرن الماضي، بما في ذلك برازيليا (في البرازيل)، وآستانا (في كازاخستان)، وكانبرا (في أستراليا).