توماس بلاك يكتب: طفرة الذكاء الاصطناعى تحتاج "فرتف" بقدر ما تحتاج "إنفيديا"

الإثنين، 08 أبريل 2024 01:09 م
روبوت

روبوت

share

المشاركة عبر

تحدث توماس بلاك عن الذكاء الاصطناعي، وأنه يتطلب أكثر من مجرد رقائق، إذ يحتاج إلى مراكز بيانات مجهزة من قبل الشركات الصناعية، وقال..


أدى الهوس بالذكاء الاصطناعي إلى ارتفاع القيمة السوقية لشركة "إنفيديا" من نحو 360 مليار دولار إلى 2.3 تريليون دولار في مطلع العام الماضي، ما يعني تداول سهم صانعة الرقائق بمضاعف ربحية 75 مرة. كما اصطحبت في صعودها عدداً من الشركات الصناعية في ظل توفر فرصة كبيرة للنمو.

أدرك المستثمرون المحنكون أن الطلب الضخم على كل ما يرتبط بالذكاء الاصطناعي سيستدعي التعامل مع كمية هائلة من البيانات التي ستخزنها مراكز البيانات وتعالجها. وهنا تسنح الفرص أمام الشركات الصناعية. فكل شركة تورّد أي شيء لمراكز البيانات تستفيد من نجاح "إنفيديا" ويسارع إليها المستثمرون.

المصنعون يشاركون في الكعكة
يضطلع عدد من الشركات الصناعية المتنوعة بدور في مراكز البيانات، من "كاتربيلر" التي توفر المولدات تحسباً لانقطاع التيار الكهربي، وحتى "ترين تكنولوجيز" التي تصنّع مبردات خوادم الحواسيب، ومن "إيتون" التي تنتج كل أنواع أدوات التغذية بالكهرباء، حتى "أميركان تاورز" (American Towers) التي تبني مراكز البيانات المعقدة بعد استحواذها على "كور سايت" (CoreSite) في أواخر 2021.

ارتفع سهم "كاتربيلر" 24% منذ مطلع العام الجاري حتى مارس، بأكثر من ضعف ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500"، وصعد سهم "إيتون" 30%، وسهم "ترين" 23%. وهو مستوى قوي من الارتفاع، إلا أنه ضئيل مقارنة بالصعود الكبير الذي حققه سهم "إنفيديا". ويرجع ذلك إلى أن مراكز البيانات لا تمثل إلا جزءاً صغيراً من نشاط تلك الشركات.

حققت "كاتربيلر" التي يعد تصنيع الجرافات الخلفية والبلدوزرات نشاطها الأساسي، مبيعات بقيمة 67 مليار دولار، تمثل منها المولدات التي تعمل بالديزل لمراكز البيانات نسبة ضئيلة. وانخفض سهم "أميركان تاورز"، التي تأثرت سلباً بتراجع الاستثمار في نشر تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) اللاسلكية، بأكثر من 8% خلال العام الجاري، رغم تحقيق "كور سايت" مبيعات قياسية من مراكز البيانات للعام الثاني في 2023.

الخلاصة أن أسهم الشركات ترتفع ارتفاعاً شبيها بسهم "إنفيديا" كلما زاد تركيزها على مراكز البيانات. وهذا ما حدث لشركة "فرتف هولدينغز"، التي يمكن وصف سهمها بأنه الأكثر رواجاً بين الشركات الصناعية التي كان لديها قدر كافٍ من الذكاء- أو الحظ- للمشاركة في طفرة مراكز البيانات. إذ صعد سهم موردة المعدات لمراكز البيانات بنسبة 70% في العام الجاري، فضلاً عن ارتفاعه 25% في العام الماضي.

يُتداول سهم "فرتف" بمضاعف ربحية 66 مرة، ويدخل ذلك في أعلى نطاق لسهم شركة صناعية، وأعلى كثيراً من الشركات الصناعية ذات الشهرة الواسعة في الفترة الحالية، مثل "ترين" و"إيتون" اللتان وصل مضاعف ربحيتيهما إلى 34 مرة و36 مرة على التوالي. وبينما يطرح ذلك سؤالاً عما إذا كانت "فرتف" ستواصل مكاسبها، وما إذا كانت موجة بناء مراكز البيانات ستستمر، فكل الإجابات تؤكد ذلك.

تضاعف طلب مراكز البيانات على الطاقة
العامل الأول الذي يجب أخذه في الاعتبار هو أن طفرة البيانات وطرق تحليلها ومعالجتها بحثاً عن القيمة ما تزال في بدايتها فحسب. فقال رئيس مجلس إدارة "فرتف" ديف كوت إن العصر الرقمي بدأ قبل 3 أو 4 عقود تقريباً، والأرجح أن يستمر لقرن على الأقل إذا سار على نمط مشابه للعصر الصناعي. كما أن التهافت على رقائق وحدات معالجة الرسوم (GPUs) بدأ للتو، فيما تستكشف الشركات كيف يمكن للذكاء الاصطناعي زيادة الإنتاجية.

كوت الذي حسّن أداء "هني ويل إنترناشيونال" المتعثرة فيما مضى خلال 15 عاماً شغل فيها منصب الرئيس التنفيذي، قال في حوار: "يحاول الجميع اكتشاف شكل مركز بيانات للذكاء الاصطناعي وكيفية تسخير التقنيات الجديدة في تبريد رقائق الذكاء الاصطناعي هذه".

من المتوقع أن تتضاعف احتياجات مراكز البيانات من الطاقة عالمياً في الفترة ما بين العام الجاري وعام 2030، وفقاً لشركة "وولف ريسيرش" (Wolfe Research)، التي وصفت مستهدفات "فرتف" بنمو المبيعات السنوية بنسبة تتراوح ما بين 8% و11% على مدى 5 سنوات بأنها هدف "ضئيل وأقل من التوقعات"، ورجحت أن يحوم نمو المبيعات حول مستوى 15%. بلغت نسبة هوامش الأرباح التشغيلية المُعدلة في "فرتف" حالياً 15%، وتتوقع الشركة ارتفاعها إلى 20% أو أكثر خلال فترة تتراوح ما بين العامين إلى الأعوام الأربعة المقبلة.

هناك عقبات خفية محتملة، فخفض شركات المرافق لتوليد الكهرباء قد يُبطئ التوسع، كما قد يعترض نشطاء البيئة ومعارضو إنشاء هذا النوع من المشروعات في مناطقهم -الذين يطلق عليهم اسم حركة "ليس في عقر داري" (NIMBY)- على المنشآت التي تستهلك الكهرباء بشراهة.

الحاجة لوسائل تبريد جديدة
رغم ذلك، فهناك إشارات إلى أن الطلب سيتسارع ويفيد الشركات الصناعية العاملة فعلاً في السوق. فزيادة كثافة القدرة الحاسوبية تستدعي اللجوء إلى وسائل جديدة للتعامل مع الحرارة الناتجة عن وحدات معالجة الرسوم، مثل التبريد بالسوائل. سيمثل ذلك حاجزاً تقنياً كبيراً أمام الداخلين الجدد إلى السوق.

كذلك ستحتاج الحوسبة الكمومية، التي أصبحت على مشارف أن تصبح ناجحة تجارياً، إلى تبريد أشد وخارج عن المألوف. حيث عادة ما تعمل الحواسيب الكمومية فائقة التوصيل، وهو النوع الذي تصنعه شركة "إنترناشيونال بيزنس ماشينز"، في درجة حرارة أعلى قليلاً من الصفر المطلق (الذي تبلغ قيمته - 273.15 درجة مئوية أو نحو – 460 درجة فهرنهايت).

على النقيض من قطاعات أخرى، لا يوجد تهديد كبير يتمثل في انقضاض شركة منافسة صينية مدعومة حكومياً وسيطرتها على سوق المعدات المسؤولة عن الحفاظ على انتظام تدفق الكهرباء في مراكز البيانات.

فشركة "هواوي" التي تعد المنافِسة الصينية الكبرى في تكنولوجيا مراكز البيانات هذه، مُنعت بشكل شبه تام من مزاولة نشاطها في الولايات المتحدة وأوروبا. بينما تتنافس "فرتف" مع "هواوي" في دول أفريقية وأسواق صغيرة أخرى، وفق كوت.

انتعاش مراكز البيانات مستمر
هناك أيضاً مخاطر تحيط بقدرة الشركات نفسها على التنفيذ، فيمكن أن يسبب ارتفاع الطلب ضغطاً على شركة ما، كما حدث لـ"فرتف" إبان الجائحة، عندما أفضت اضطرابات سلاسل التوريد إلى تأخير التسليمات إلى العملاء، وتأخرت الشركة في رفع الأسعار لتعويض آثار التضخم.

حينها تدخل كوت مباشرة للمساعدة في حل المشكلات، وأعرب خلال مؤتمر هاتفي للإعلان عن الأرباح في فبراير 2022 عن "خيبة أمله وحرجه" من أداء الشركة.

لدى الشركة حالياً رئيس تنفيذي جديد هو جيوردانو ألبرتاتسي، الذي أعاد للشركة مكانتها واستقرارها، فيما ينشغل كوت في الفترة الحالية بوضع استراتيجية للاستحواذ.

تعاون "غولدمان ساكس" مع كوت لتأسيس شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في 2018، ويرى البنك أن الشركة حققت نجاحاً باهراً، حيث بدأ تداول السهم بنحو 10 دولارات عندما اشترت شركة الاستحواذ "فرتف" من "بلاتينيوم إكويتي" (Platinum Equity) مقابل 5.3 مليارات دولار شاملة الديون. ويتداول سهم "فرتف" حالياً بأكثر من 80 دولاراً، وتجاوزت القيمة السوقية للشركة 30 مليار دولار.

سيستمر رواج مراكز البيانات لفترة طويلة، ويحقق العصر الرقمي الملاحظة التي أدلى بها عالم الرياضيات البريطاني كليف هامبي في 2006 بأن البيانات هي النفط الجديد. بذلك تصبح مراكز البيانات هي مصافي التكرير الجديدة لهذه المادة الخام الثمينة، وبإمكان الشركات الصناعية الاستفادة من ذلك، بحسب الشرق بلومبرج.