الدكتور زياد بهاء الدين يكتب: المبالغة فى الابتهاج بنهاية الأزمة ليس مفيدًا.. ولا صادقًا
الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الوزراء الأسبق
تحدث الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الوزراء الأسبق فى مقال هام عن أزمة الدولار فى مصر، ينتقد فيه الحديث المبالغ فيه عن قرب انتهاء الأزمة الاقتصادية، وما وصفه البعض بأن الدولار يترنح خلال الأيام الماضية، مطالبا باحترام مشاعر وتضحيات المواطنين الذين عانوا بشدة ارتفاع الأسعار.
ويدعو الحكومة لضرورة الاعتراف بأن السياسة الاقتصادية لم تكن على المسار الصحيح وليس السبب فى الأزمة هو العوامل الخارجية وحدها، وضرورة الإسراع بتغيير السياسة التى أدت بنا إلى هذا الهبوط الشديد حتى يمكن الخروج من الأزمة.
وقال..
ليس فيما أقوله أى تهكم أو استخفاف. فالموضوع لا يحتمل الهزار ومعاناة الناس لا يليق أن يُستخف بها، لكن الواقع أنه منذ بدء انتشار الأخبار حول قرب الاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى وغيرها من المؤسسات الدولية بشأن حصول مصر على حزمة تمويل جديدة، والخطاب الرسمى منطلق فى التهنئة بالنجاح فى تجاوز الأزمة، وبانخفاض أسعار السلع الأساسية، وبارتفاع قيمة الجنيه المصرى، بل إن أحدهم وصف الدولار بأنه «يترنح» ويتهاوى.
ارحموا الناس من هذا الكلام قليلا فى هذه الأوقات الحرجة.
ارحموا الناس وتواضعوا فى مخاطبة من احتملوا ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعار كل شىء، وبالذات المواد الغذائية بلغت ضعفين وثلاثة أضعاف ما كانت عليه منذ عامين، وسكتوا على تبريرات لا أساس لها من الصحة، وصبروا على وعود متكررة بقرب الانفراج، ودفعوا ثمن الغلاء غاليا فى كل مظاهر حياتهم، ونزلوا بمستويات معيشتهم. فأقل ما يجب هو احترام ذكاء الناس وعدم الاستهانة بهم بالاستمرار فى ترديد كلام لا يصدقه أحد وتكذبه جولة واحدة فى الأسواق.
صحيح أن سعر الدولار والعملات الأجنبية قد انخفض فى الأيام الماضية أمام الجنيه المصرى، وهذا بالتأكيد محل ترحيب. ولكن دعونا لا ننسى أن الدولار وزملاءه كانوا قد ارتفعوا فى آخر أسبوعين فى السوق السوداء إلى قمم غير مسبوقة وغير منطقية بلغت أربعة أضعاف ما كان عليه الحال منذ عامين. فالمقارنة يجب أن تكون ليس بالأسبوع الماضى بل بالأسعار منذ عام أو اثنين.
وهذا لا ينطبق فقط على العملات الأجنبية، بل على كل ما يشتريه الناس من مواد غذائية ومواد بناء وسلع استهلاكية وعقارات وقطع غيار وخدمات ارتفعت أسعارها خلال العامين ضعفين وثلاثة. وقد وصف صديق هذا الوضع بقوله إن الحكومة تهنئنا هذه الأيام بالنجاح فى صعود بضع درجات على سلم العمارة، متجاهلة أن المصعد كان قد هبط بنا عدة أدوار.
لهذا أنصحكم بتقدير مشاعر الناس والتروى فى التهنئة والاحتفال بنهاية الأزمة، ليس فقط لأن هذا خطاب يستفز الناس، وإنما أيضا حرصا على مصداقية الدولة فى وقت نحتاج فيه لحشد الهمم وكسب الثقة والاحترام من أجل مواجهة ظروف لا تزال صعبة.
الحقيقة أن ما يستحق الناس أن يسمعوه ليس خطاب التهنئة والابتهاج. ما يريد الناس أن يسمعوه هو أننا على الأقل قد تعلمنا من الأخطاء وأدركنا أن تغيير المسار الاقتصادى لم يعد يحتمل الإرجاء ولا التردد ولا أنصاف وأرباع الحلول. أما إذا أصرت الحكومة على أن المسار كان سليما منذ البداية ولم يعرقله سوى العوامل الخارجية، فإن هذه ستكون رسالة خطيرة وسلبية للغاية لأنها سوف تؤكّد للجميع - فى الداخل والخارج - أن النية متجهة لعدم إجراء تغييرات حقيقية بل مجرد رتوش وتحسينات دون المساس بجوهر المشكلة.
دعونا إذن نرجئ حالة الاحتفال، ونتعامل مع الناس بتقدير واحترام، ونقدر حجم التضحيات والمصاعب المستمرة، ونركز فيما هو مطلوب لتحقيق الإصلاح المنشود كى يرتفع بنا المصعد ليس دورا أو اثنين.. بل إلى الأدوار العليا، بحسب ما جاء فى المصرى اليوم.
الأكثر قراءة
أخبار مختارة
تامر عبد الحميد عن حزمة التسهيلات الضريبية الجديدة: خطوة لتشجيع الاستثمار بمصر
السبت، 14 سبتمبر 2024 10:32 ص
ليزا جيفريس تكتب: "ترند" اللبن "السايب" فى أمريكا يهدد صحة الأطفال؟
الأحد، 18 أغسطس 2024 01:09 م
حمدى رزق يكتب: طوبى لمن يزرعها قمحًا
الأربعاء، 20 مارس 2024 11:54 ص
أحمد أمين مسعود يكتب: رأس الحكمة واستعادة الثقة الغائبة
الإثنين، 04 مارس 2024 01:57 م
كلايف كروك يكتب: وجود منظمة للتجارة تقوم بوظيفتها كما ينبغى أمر ضرورى
الثلاثاء، 27 فبراير 2024 11:30 ص
ميهير شارما يكتب: أولويات الهند الداخلية المعقدة تدفعها للتمرد فى منظمة التجارة العالمية
الثلاثاء، 27 فبراير 2024 11:18 ص